أثارت تقارير صحفية إسبانية موجة واسعة من الجدل والتكهنات في الأوساط الرياضية العالمية، وذلك بعدما تحدثت عن عرض ضخم من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للاستحواذ على نادي برشلونة الإسباني. هذه شائعات بيع برشلونة للأمير محمد بن سلمان انتشرت كالنار في الهشيم، مصحوبة بأرقام فلكية قُدرت بـ 10 مليارات يورو، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول مدى صحة هذه الأنباء وإمكانية تحققها في الواقع.
ضجيج السوق: ما هي خلفية عرض الـ 10 مليارات يورو؟
بدأت القصة تتكشف عندما ذكرت قناة “الشيرينجويتو” التلفزيونية الإسبانية المعروفة، أن الأمير محمد بن سلمان يستعد لتقديم هذا العرض المغري بقيمة 10 مليارات يورو لشراء النادي الكتالوني. لم يأتِ هذا الاهتمام من فراغ، بل تردد أن ولي العهد السعودي يعتقد بأن برشلونة يرزح تحت ديون ضخمة تقدر بنحو 2.5 مليار يورو، وأن إدارة النادي قد تكون مستعدة للتخلي عن ملكيته مقابل الحصول على سيولة نقدية هائلة تساعده في تجاوز أزماته المالية الطاحنة.
إن فكرة بيع نادٍ بحجم برشلونة بهذا المبلغ الخرافي أثارت شهية الكثيرين، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية المعقدة التي يمر بها النادي في السنوات الأخيرة، والتي أجبرته على تفعيل “رافعات” اقتصادية متعددة لتدبير أموره المالية وتسجيل لاعبيه. فهل يمكن أن تكون هذه الشائعات مجرد رغبة في جذب الانتباه، أم أن هناك أساسًا حقيقيًا لها؟
النموذج الكتالوني: لماذا يصعب تحقيق شائعات بيع برشلونة للأمير محمد بن سلمان؟
على الرغم من جاذبية الأرقام الفلكية، فإن تحقيق شائعات بيع برشلونة للأمير محمد بن سلمان يواجه عقبة هيكلية أساسية تتمثل في نموذج ملكية النادي الفريد. برشلونة، شأنه شأن غريمه التقليدي ريال مدريد، ليس مملوكًا لكيان تجاري أو فرد واحد، بل هو مملوك بالكامل لأعضائه، المعروفين باسم “السوسيوس” (Socios). هذا نظام ملكية الأعضاء يمنح كل عضو حق التصويت في القرارات الحاسمة للنادي، بما في ذلك انتخاب الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة، وحتى القرارات المصيرية مثل بيع أصول النادي أو تغيير هويته.
- الولاء والتاريخ: يرى أعضاء النادي أن برشلونة ليس مجرد فريق كرة قدم، بل هو رمز للهوية الكتالونية والثقافة الإقليمية. بيعه لجهة أجنبية، بغض النظر عن حجم العرض، يعتبر خيانة لهذه المبادئ العميقة.
- القرار الجماعي: أي عملية بيع تتطلب موافقة غالبية الأعضاء عبر جمعية عمومية، وهو أمر شبه مستحيل في حالة بيع الكيان بالكامل. الأعضاء هم أصحاب القرار النهائي، وهم يحرصون بشدة على الحفاظ على استقلالية النادي.
- السوابق التاريخية: لم يسبق لأندية بهذا الحجم والتاريخ في إسبانيا أن تخلت عن نموذج ملكية الأعضاء، مما يؤكد صعوبة تكرار سيناريوهات بيع أندية مثل مانشستر سيتي أو باريس سان جيرمان في الدوري الإسباني.
برشلونة والتحديات المالية: بين الديون والاستثمار الاستراتيجي
لا يمكن إنكار أن برشلونة يواجه تحديات مالية كبيرة، وقد تضطر الإدارة، بقيادة الرئيس خوان لابورتا، إلى اتخاذ قرارات صعبة لمواجهتها. ومع ذلك، فإن هناك فرقًا شاسعًا بين بيع النادي بالكامل وبين جذب استثمارات استراتيجية. قد يكون هناك ترحيب بالاستثمار السعودي في أشكال أخرى، مثل:
- الرعاية التجارية: توقيع عقود رعاية كبرى لقمصان الفريق، أو لمرافق النادي (مثل تسمية الملعب الجديد).
- الاستثمار في المشاريع: المساهمة في تمويل مشاريع محددة مثل مشروع “إسباي بارسا” لتجديد ملعب كامب نو والمرافق المحيطة به.
- الشراكات الاستراتيجية: إقامة تحالفات تجارية أو رياضية تخدم مصالح الطرفين دون المساس بملكية النادي.
هذه الأشكال من التعاون تتيح للنادي الحصول على السيولة المطلوبة دون التنازل عن مبدأ ملكيته الجماعية، وهو ما يتماشى مع رؤية الأعضاء ومساعي الإدارة للحفاظ على استقلالية النادي وهويته.
مستقبل برشلونة: الحفاظ على الهوية مقابل البحث عن الاستقرار المالي
في الختام، على الرغم من قوة العرض المزعوم وجاذبيته المالية، فإن حقيقة ملكية نادي برشلونة من قبل أعضائه تجعل من فكرة بيعه بالكامل أمرًا بعيد الاحتمال. المصادر المتعددة أكدت أن هذا السيناريو مستبعد تمامًا، لأن الهوية الكتالونية والملكية الجماعية تعدان جزءًا لا يتجزأ من الحمض النووي للنادي.
تبقى التحديات المالية قائمة، وستستمر إدارة النادي في البحث عن حلول مبتكرة لضمان استقراره الاقتصادي دون التفريط في مبادئه الأساسية. وكما يتابع عشاق كرة القدم كل جديد عبر منصات الأخبار الرياضية مثل Kora Best tv، فإن مستقبل برشلونة سيظل مرهونًا بتوازن دقيق بين الطموح الرياضي والواقع الاقتصادي، مع الحفاظ على روح “أكثر من مجرد نادٍ” التي تميزه.
لا يوجد تعليقات